بسم الله الرحمن الرحيم
لنشبه القلب هنا بأنه بركة من الماء النقي الصافي فوقعتْ عليه قطرات من الزيت فعكّرت صفوَ مائه واضطرب ، وكذلك قلبُ المؤمن الصافي يتعكّرُ صفاؤه أحياناً من الذنوب والمعاصي فيضطرب منها ويهرب ويلتجئ إلى الله تعالى ، هذا هو الخوف من الله
أما مانراه في قصص الخوف من الله وتأنيبالنفس لمدة سنين طويلة على الذنوب والمعاصي والنحيب عليها ، فهذا ليس خوفاً من الله أصلاً بل هو يأس من رحمة الله تعالى
من الطبيعي أنْ نُخطئ ونقترف الذنوب والمعاصي لأننا بشر ، بل من غير الطبيعي أن نكون معصومين من الزلات والخطأ ، قال عليه الصلاة والسلام :
( والذي نفسي بيده لو أنكم لم تذنبوا لذهب اللهبكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) رواه الإمام مسلم
هذا هو الخوف من الله عندما يتعكر صفوَ القلبمن الذنوب والمعاصي نلتجئ إلى الله تعالى لتنقية القلب وتطهيره
الخوف من الله هو اللجوء لله
إذا استشعرنا الخوف من الله تعالى فهذا يعني أن قلوبنا نقية نظيفة من التعلّق فيما سوى الله سبحانه
إذا كنا صادقين فعلاً في مشاعر الخوف من الله تعالى فهذا يعني عمق التوكل على الله تعالى والتفويض له وعدم انشغال القلب وارتعابه من الخلق أو من الظروف والجيوش أو الذنوب
الخوف من الله تعالى يعني تحقيق كامل الإيمان به سبحانه وعدم الهروب أثناء المحن والرخاء للبشر بل لرب البشر ، فمصداق الخوف الحقيقي من الله تعالى هو اللجوء إليه ، كما قال تعالى :(( ففروا إلى الله))
الخوف من الله تعالى يختلف من الخوف عن غيره ، فالله تعالى إذا خفناه رجوناه ، أما البشر إذا خفناهم هربنا منهم ومات الرجاء والأمل فيهم
ففروا إلى الله ، لأنك عندما تفر وتعتصم بالله تتلاشى كل عقبة أمامك ، فما أجملك يارب حتى في الخوف منك لذة وحلاوة
ففروا إلى الله ، الخشية من الله تعالى تورث في القلب لذة قد حُرِمَ منها المنافقون
إذا قلنا أن معنى الخوف هو عكس الأمن ، فكيف يكون الخوف من الله ؟
الخوف من الله هنا يعني أننا نؤمن أن مصدر الأمن لنا هو الله تعالى ، لأنه سبحانه يمللك النفع والضر ، يملك الجنة والنار ، فنخافه استشعاراً بعظمته تعالى ، فالقلبُ هنا بين رغبة ورهبة ، رغبةٌ بالأمن وبلطفه سبحانه بنا ، ورهبةٌ من الوقوع في النار
--
بين الخوف والرجاء
الرجاء : الرغبة في حصول الشيء وطمع القلب به
الخوف :
تحرك القلب واضطرابه من الوقوع في الشيء
قال الإمام ابن القيم في (طريق الهجرتين) :
" وأما الخوف فإنه يوجب هروباً إلى الله وجمعية عليه ، وسكوناً إليه ، فهي مخافة مقرونة بحلاوة وطمأنينة وسكينة ومحبة
، وليس الخوف من الله ـ عز وجل ـ فقط لكثرة الذنوب ، بل بصفاء القلوب وكمال المعرفة
الخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب ، والفزع ، والهلع ، كحال ذلك الذي يستشعر الخوف من الأسد بل يراد به ما ذكرنا ، من زجر عن المعاصي ، وكف عنها ، وإقبال على الطاعات واختيار لها "
--
الخشية من الله تعالى : "تعريفي الخاص"
أثر يجده القلب من نَظَرِه لعظمة الله تعالى وهوان السماوات والأراضين ومافيهما أمامه
--
للخوف والتذلل والمسكنة بين يدي الله تعالى لذة لا يعرفها إلا قلب العابد الصادق